إن العرب أبناء الملوك ، سليلي الملوك.
هاجر ابنة ملك عين شمس الشهيرة ، لما أسرت في إحدى المعارك، وأسرها ملك الشمال ، وأهداها لإبراهيم عليه السلام، فأنجب منها إسماعيل، أنتم أبناء الملوك، أما سارة فلم تنجب أحدا، أنجبت إسحاق ، وإبراهيم عليه السلام ، رد الجميل لسارة لما أهدته هاجر، وكانت عندها أمة تركية ، معروفة اسمها "قاطوراء" ، فأهدتها إلى إسحاق ، فأهدى إبراهيم هذه الأمة "قاطوراء" والقصة معروفة في كتاب الله تعالى، لما هجم اللصوص على لوط ، لما خرج من أور ، وهجم عليهم إبراهيم وطردهم إلى بلاد الأتراك، ورجع بهذه الجارية، فرد الجميل فأهداها إلى إسحاق، فأنجب منها هؤلاء القرود، أبناء الإماء الجرذان.
سر التحالف التركي الإسرائيلي اليهودي الآن.
عرفنا أصلهم ، نعرفه جيدا، ولكن أنى لأمثال هؤلاء من عالم مثقف يرد القضية جدعة إلى أصحابها، كيف ينعتونك بأنك ابن الجارية، وهو ابن السيدة، هو ابن قانطوراء مشهور جدا، قضية مشهورة يعرفها اليهود، أنهم أبناء الأمة ، أبناء العبيد، وهذا سر التحالف التركي الإسرائيلي اليهودي الآن.
جنس واحد أبناء ، وكل هذا ، وكل هذه الدروس ستفكك لك أسرار السياسية العالمية، والتحالفات التي أنت تراها ولا تدري من أين جاءت، ولم جاءت، ولم هذه التحالفات؟
وهذا الكلام درسته في أماكن كثيرة، واستفاد منه الساسة استفادة كبيرة جدا، لأنهم من أين يعلمون ذلك، إنهم يأخذون بعموميات الكلام، ولكن لما يذهبوا لأهل التخصص يعرفون حقائق هؤلاء الجرذان.
وأسباب الأحلاف التركية والأحلاف الإيرانية الشيعية، بين إسرائيل وبين تركيا وبين إيران؛ لأن الإيرانيين من بني إسحاق، واليهود من بني إسحاق، وهذه أسرار السياسة العالمية، والتحالف العجيب.
أنت تقرأ تاريخا عجيبا، ليس له وقائع بعيدا تمام البعد عن فقه الواقع، لذلك أنت تتعجب، لا تدري تعيش حياة في غاية الحيرة، تتحير من وقائع أنت لا تدري أصولها ولا تدري من أين جاءت، ولا أسس هذه الجذور.
أنا أعطيك اليوم عمومات وعموميات، ولكن سيأتيك التفصيل بعد حين، بدراسة علمية موثقة تمام التوثيق حتى تعلم من أنت؟ وابن من أنت؟ يا ابن الملوك.
لقد ضلت عنك نفسك ، تاهت منك في الدروب، ستلقاها لا محالة ، وتشمخ بأنفك وتعرف من أنت، لتمسك بيدك معول التاريخ الإنساني مرة ثانية، لتقود الحضارة الإنسانية بالعدل والقسطاط المستقيم ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143] .
أي عدول بين الناس، في غاية العدل بين الناس، ﴿ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ ، إنها الأمة الوسط، وسط في المكان، وسط في الحلم والمشاعر.
العربي ليس شريرا بطبعه.
معلوم عند العرب أنك لا تكاد تجد في العرب شريرا واحدا بطبعه، وهذا معروف عند علماء النفس، لا تكاد عربي شرير ، أي في الأصل شرير ، طبعه الشر، هذا نادر لدرجة، لا تجد عربي فيه صفات الوحش، هذا لا تجده أبدا، والعرب دائما وسط في مشاعره، بين الغضب والسرور، لوسطية المكان ووسطية الجو والطقس الذي يحياه.كذلك العربي وسط في الجسم والهيئة.
الأوروبي شرير بطبعة.
أنظر إلى الأوروبي مثلا طويل القامة جدا، حاد المزاج لدرجة، عنيف، الغالب في طباعهم الشر، لو تمكن إنسان منهم بغير ضابط ولا قانون، دمر العالم، هتلر نموذج، موسليني نموذج، تشرشل نموذج، كارل ماركت نموذج ، أنلجت نموذج، تروديسكي نموذج، ايسمرك نموذج، الذي وحد ألمانيا، نابليون بونابارت نموذج، النماذج فيهم شريرة بطبعها ، وهذا لشذوذ في التكوين والخلقة والتركيب الإنساني، هذا معروف.
أما العربي وسط ، وسط في قامته، وسط في تقعير وسطه، رأسه في غاية الوسطية، ليس بالرأس المنبعج المفلطح كجنوب شرق آسيا، وليس بالرأس المستطيل كشمال أوروبا، ولا بالطويل الفارع ، ولا بالقصير المخل كاليابانيين والمراي وأندونسيا، وسط .
وسط في الخلق ، لو وقت بالخلق طابورا، وجئت بالعربي تجده وسطا في الخلقة، لا هو بالطويل البائن ، ولا هو بالقصير القزم، كما هو معلوم.
وسط في كل شيء، حتى في طباعه ، في مشاعره، أيضًا في ذكائه ، وسط ، خلقه الله كذلك، فإن الله تعالى بشر سارة بغلام عليم، وبشر هاجر بغلام حليم ، فأنت وسط في ذكائك، وسط في عقلك، وسطية في كل شيء، أين هي الوسطية أيها الناس؟ أين كل هذا العلم؟ أين هذا الزخم الهائل من تراث المسلمين، لم ضيعناه؟ لم أدرنا ظهورنا لنا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فصرنا بغير ماهية، بغير شخصية، ما هي ماهية المسلم؟ ما هي حدود إنسانيته؟ ما هي شخصيته؟
إذن أيها الوسط أيها العدل، أيها الحاكم، هل الشاهد على الأمم يكون إمعة، إن ما يصلح عند شذاذ الآفاق من أفكار ونظريات، لا يصلح عند العدول بطبيعة الحال.
إن رأس العادل في حاجة إلى علم عادل ، قرآن وسنة ، أما رأس الشاة في حاجة إلى نظريات ، إما شيوعية أو رأس مالية، أو سيوقراطية، نظرات إنسانية اخترعها البشر، شذوذ في التفكير، رعونة في التصرفات، لا تجدها أبدا في العرب.
العرب كرم في الطباع، سخاء نفس، ونبالة طبع، .
لا تجدها في غير العرب، صفة وصفهم الله تعالى بهم ، ادخر هذه المكارم حتى يحصل على نتائجها محمدr ، لما دعاهم لمكارم الأخلاق، استجابوا، لأنهم يعرفونها في طباعهم، يعرفونها في حياتهم، كان العربي لا يملك إلا ناقة واحدة، وهي السبب الوحيد لصلته بالحياة ، يستعذب عليها الماء ، ويتصل بها بالعالم الخارجي، فيجيئه الضيف ، فينحرها له. تأخذه هِزة الكرم فينحرها له، انظر وتعجب لطباع العرب، لا تجد ذلك في غير هذا الجنس، الذي كرمه الله تعالى، ونسج منه هذا النسيج.
أنتم ملوك العالم، وهذا الذي قاله النعمان بن المنذر يوما، لما ذهب في حفل من حفلات فارس ، ومعلوم أنه كان عميلا من عملاء دولة الفرس، والتاريخ القديم والحديث متوازيان تمام التوازي، قضية تاريخية محكومة قديما، - التي تحمي فارس، يصد هجمات القبائل الرحل، وهجمات الشرسين من قبائل العرب كظفار وطي وغيرها، كالدرع بالنسبة إلى فارس يحميها، أيضًا كالدول الحامية لأمريكا وإسرائيل الآن كالدرع تصد الهجمات، تحتفظ بهذا الجسم كالشرنقة ، تحتفظ بها كالثمرة في غلافها، حتى لا يصل إليها شيء.
تاريخ قديم، مدروس والعرب يمضون عليه بفوات عجيب، لا يغيرون، ولكن فرق بين القديم والحديث: النخوة والمروءة والرجولة.
جاء وفد الهند وتكلم، فقال كسرى : صدقت، يتكلم عن الهند وحلومها وعلومها، وفلسفتها وغيرها، وآلهتها، فصدقه.
وجاء ملك الصين، يتكلم، فصدقه، وجاء رجل الرومان فتكلم، فصدقه.
ثم قام النعمان بن المنذر فتكلم، قال ما تقول يا نعمان؟
قال كِسري:ألا تنتظر لأتكلم أولا، يقول له ما تقول العرب أخس الناس، وفي غاية النذالة عملاء لكل من يدفع، يعيشون على فتات الأمم، لا حاكم لهم ولا ضابط، ليس فيهم سيد مطاع، ولا قائد ينصاعون له يحبونهم منهم، وهذا كان واقعا،الرجل بدأ هجومه قبل أن يتكلم النعمان بن المنذر .
قال النعمان: أيها الملك الجليل، أربأ بك عن الزور ، وأن تكون مزورا - سبحان الله تعترض- قال فإنك لا تدري من العرب، إن العرب لأنفتها وشموخها لا تجعل منها ملكا تطيعه ، فإنهم جميعا ملوك، لا يحبون أن يتملك عليهم أحد يترأس عليهم، يأمر وينهى ، فهم جميعا ملوك.
وهذه حقيقة قاتلة، من الذي واجه النبي في مكة ؟ سادتها ، من الرأس فيهم؟ لا أحد، كلهم رءوس، كلهم ملوك، لا يطيقون أن يكون فيهم ملك، لا ينصاعون لأحد إطلاقا، وهذه طبيعة العرب، لا ينقادون لأي أحد، طبيعة في غاية الأنفة والكبرياء، أصولهم كذلك.
قال النعمان: أيها الملك إن العرب غير الأمم الأخرى، إن الأمم الأخرى من العبيد، والعبد إذا سمع السيد أطاع وأجاب، أما العرب جميعا ملوك، لا يملكون أحدا عليهم، كيف يملكون وهم جميعا ملوك،رد شافي كافي على مثل هذا الوغد.
قال كسرى : وإذا طعموا طعموا لحوم الإبل وهو غث وخسيس.
قال النعمان : أرد.
قال كسرى ، نعم.
قال النعمان : سبحان الله ، إن الإبل تتميز بالصبر، وتتميز بالحلم، وتتميز بقوة التحمل ، والعرب دائما يعرفون أن المطعوم يعود بطعومه على الطاعم، فهم يطعمونها ليعود عليها بالصبر والقوة والحلم والتحمل، ولا تجد ذلك في غير العرب.
أنظر لملك عميل من ملوك العرب، كيف يذب عن عروبته، وعن نبالة قومه، وعن شرفهم.
السبب في تسمية العرب بهذا الاسم.
ثم قال أيها الملك: لن تجد أحد في العالم يستطيع أن يعرب عما يجيش في صدره، من العرب، ولذلك سماهم الله تعالى عربا، لأنه يعرب بلسانه عما يجيش في صدره.
يستطيع أن يعبر بدقة عن مشاعره، لذلك انتشر في العرب الشعر والقوافي والنثر وكلام الأدب العربي الشهير المعروف جدا، لا تجد في أي أمة من الأمم في مثل هذا المستوى السامق من الأدب والمشاعر الوجدانية في آداب العرب، وبطبيعتي أخاطبك بهذا المعنى ، فليس هناك أدب على الإطلاق أسمى وأرفع من أدب العرب بطبيعة الحال، هذا مع المقارنة والفارقة جدا بين الأدبين.
لأن العربي يستطيع أن يعبر ويجيش بما في صدره بكلمات بسيطة جدا تعبر عما يدور حوله، أما الآخر يتكلم عدة سطور، حتى يعطي معنى يريد أن يصل إليه.
هذه هي وسطية الأمة.
كان التمهيد بتفكيك العرب، كحبات الرمال، .
لما جاء الإسلام ، ما وجد دولة في العرب فتية قوية، سلطة منظمة قوية تصده وتحاربه، فمهد الله تعالى هذا التفكيك العجيب جعلهم شعوبا وقبائل متفرقة لدرجة ليس فيهم سلطة قوية حاكمة، ولا جيشا منظما، ولا شرطة منظمة، ولا غير ذلك، ولذلك لما نأتي إلى بطن مكة، ونبدأ في غرس فتيل الإسلام فيها، ستعلم أن الذي واجه الإسلام فيها هم أفراد وليست حكومات، ليست قوى منظمة، ولا حكومة منظمة، وهذا من نعمة الله تعالى لهذا الدين في بداية أمره ، إنما واجه أفراد، حتى أنه ما واجه قبيلة بكاملها أبدا إلا في ميادين القتال ، بعد الهجرة وبعد فرض الجهاد، وهذا من التمهيد العجيب لهذا الدين والتمكين له، حتى يبنى ويقوى تحت الرمال ، ويجذَِر جذوره وعروقه، حتى إذا خرج ظاهرا يكون له أوراق وفروع وقوة تستعصي على الاستئصال كما هو معلوم.
ولذلك من الصعب جدا، أن تكون خلافة مع حكومات منظمة، وتنظيمات قوية، وأسلحة قوية وتنظيمات، فرق جدا بين العهدين،.
ولذلك الله تعالى يمهد للخلافة القادمة الأخيرة أيضًا بتفكك العرب وتشرذم العرب، وسيطرة يهود، حتى يفككوا ويبعثروا هذا، حتى إذا قام القائم بأمر الله تعالى لن يجد حكومة ولن يجد قوات منظمة تعاكسه أو تحاربه أو تقف ضده، بل هو الذي سيجمع شمل العرب مرة ثانية، في عقد منتظم كما جمعها النبي rويقاتل بها أوروبا ، ويفتح الدنيا ليحكم هذا الدين مرة ثانية كما قرر الله تعالى وقدر في آية متحدية ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33] .آية مكية نزلت في بطن مكة، تتحدى الدنيا كلها، تحد واضح سامق، والتحدي هو أبلغ ما في ظواهر القرآن المكي.
لغة التحدي في القرآن المكي، ستراها عند تنزيله في مكة.
وأنت تعجب ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ أي أنه ظاهر لا محالة، ولكن عندما يأتي الإمام ، مع هذا التمهيد الواضح لهذا التفكك العجيب.
ما هي مهمة الأمة الوسط؟.
﴿ لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143] ، أي أن تحكموا الدنيا بأسرها ، أي أنتم حكام العالم، بماذا تحكمون؟ بكتاب الله تعالى.
والأمة الوسط، مهمتها العبادة، أن تعبد الله تعالى وحده، ما بعثت إلا لهذه المهمة، ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110]، اسمع كلام جميل، كلام عجيب ، يتحدى والله ، يستخرج لآلئ العنصر الإنساني من طبائع العرب، يستخرج هذه اللآلئ ويشير عليها ويشير إليها، ويدل عليها، ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ﴾.
ومعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أي أنكم أمة حاكمة، الذي يأمر في موضع الأمر، الحاكم، شهداء حكام، طبيعتكم مهمتكم أمة حاكمة، كذلك وضعها الله تعالى لتحكم البشر، لتحكم الدنيا.﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾ والأمر بالمعروف والنهي المنكر هو كنه العبادة التي أوجدنا الله تعالى من أجلها.